عادات وتقاليد كوريا الجنوبية

بداية تعتبر كوريا بلد المتناقضات، فهي صاحبة واحدة من أقدم الحضارات في آسيا وهي في الوقت نفسه من أكثر دول القارة تقدما.. وفي الوقت الذي تنتشر فيه المعابد البوذية ربما في كل مدينة من المدن الكورية تجد ملامح ثورة الاتصالات من أجهزة كمبيوتر وإنترنت وهواتف محمولة إينما ذهبت في أرجاء هذا البلد الصغير الذي تقل مساحته عن مائة ألف كيلو متر مربع !
ومن يتجول في شوارع مدينة جيو نج جو عاصمة مملكة شيلا في جنوب البلاد سيجد نفسه في متحف مفتوح يعود به نحو 1500 عام إلي الوراء، وما إن ينتقل إلي سول شمالا ويتجول في شوارعها حتي يجد نفسه قد دخل القرن الحادي والعشرين بكل ما تحمله الكلمة من معني حيث أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة وسلاسل المطاعم السريعة والمتاجر الضخمة (المول) وأماكن الترفيه بكل أنواعها.. حتي يخرج الزائر بانطباع يمكن تلخيصه في عبارة من كلمتين.. حقا إنه ‘بلد المتناقضات’..
والطريق إلي سول طويل جدا والرحلة شاقة إلي حد كبير ما بين سفر وترانزيت.. ولعدم وجود طيران مباشر إلي كوريا الجنوبية فإن التوقف في محطات وسيطة مثل بانكوك ومانيلا وساعات الانتظار تطيل زمن الرحلة..

أول مفاجأة

وقبل أن تهبط الطائرة علي أرض المطار تكتشف أول مفاجأة عندما تقرأ كلمة ‘انشيون’ مكتوبة بخط عريض علي الممر وتسمع كابتن الطائرة يقول : ‘السيدات والسادة هبطنا للتو بمطار انشيون الدولي.. درجة الحرارة في الخارج خمس درجات مئوية.. الخ’. وأول ما يتبادر إلي ذهن المسافر إلي كوريا الجنوبية هو السؤال عن عدم الهبوط في ‘مطار سول الدولي’ والاجابة ببساطة أنه لا وجود لشيء اسمه مطار سول الدولي لأن المطارات الدولية كلها خارج العاصمة وهذه أول مظاهر عبقرية الكوريين الذين بنوا مطاراتهم الدولية خارج العاصمة لتخفيف التكدس والزحام عن هذه العاصمة المزدحمة أصلا والتي تعد واحدة من أكثر عواصم العالم ازدحاما بالسيارات..

ثلاجة مفتوحة

وما إن تخرج من الباب الزجاجي لمطار انشيون الدولي الذي يعمل أتوماتيكيا ستجد المفاجأة الثانية في انتظارك (إذا كنت مسافرا في هذا الوقت من العام.. أي في ديسمبر) عندما تسري قشعريرة في جسدك وتشعر وكأنك دخلت في ثلاجة مفتوحة تحتاج إلي ملابس ثقيلة جدا للتكيف معها… الطريف أن الشاي بدون سكر علي الاطلاق وهذه عادتهم يشربون الشاي سواء كان من النوع الأحمر أو الأخضر بدون سكر ولا يكون السكر إلا بالطلب !!

هنا سول

وأخيرا.. هذه هي سول.. واحدة من أجمل عواصم العالم تحمل كل مظاهر التقدم وكل الملامح التي تجعلها جديرة بأن تكون عاصمة لدولة من العالم المتقدم أو إن شئت فقل العالم الأول..
وأول ما يلفت نظر الزائر عندما يتطلع إلي وجوه الكوريين أنهم كلهم تقريبا أصحاب ملامح واحدة و’فورمة’ واحدة من حيث مقاييس الجسم وحتي السلوك الشخصي لكل فرد ولعل السبب في ذلك يعود إلي أنهم جميعا من أصل واحد ،يتقاسمون مجموعة من الصفات التي تميزهم عن اليابانيين والصينيين كما أن لديهم هوية ثقافية مميزة كشعب واحد. والكوريون الحاليون هم من سلالة القبائل المنغولية التي هاجرت إلي شبه الجزيرة من آسيا الوسطي في أواخر العصر الحجري (من 500 قبل الميلاد إلي 300 قبل الميلاد). وفي أوائل عهد المسيحية أصبح الكوريون شعبا متجانسا بالرغم من أن الوحدة السياسية لم تتحقق إلا في القرن السابع الميلادي..

طبيعة قاسية

ومن المظاهر اللافتة للانتباه أيضا الزحام الشديد في سول التي يقطنها مايزيد علي 11 مليون نسمة بالاضافة إلي المدن الكبري التي شملتها الزيارة مثل بوسان ثاني أكبر مدينة في كوريا وتايجو وتايجون وكوانجو وانشون وأولسان.. وعموما تعتبر الكثافة السكانية في كوريا الجنوبية واحدة من أعلي الكثافات السكانية في العالم إذ يبلغ عدد سكانها نحو 46 مليون نسمة ومساحتها أقل من مائة ألف كيلومتر مربع، 70 في المائة منها جبال !
وبسبب الطبيعة الجبلية للبلاد فإن كوريا تتميز بكثرة الكباري والأنفاق والتي تشبه شبكة عملاقة لتسهيل المواصلات بين أرجاء هذا البلد، وغالبية الكباري هناك من الصلب وليست من الأسمنت المسلح وقد يكون السبب في ذلك يعود إلي أن لديهم شركة بوسكو ثاني أكبر شركة للصلب في العالم بعد شركة يابانية..

لغة موسيقية

ومما يلفت انتباه الزائر لكوريا أيضا النغمة الموسيقية للغة الكورية التي يتحدث بها أهل البلاد والتي تنتهي كلها بمد منغم وخاصة عندما تجري مفرداتها علي ألسنة الفتيات واللغة الكورية يتكلم بها أكثر من 65 مليون شخص يعيشون في شبه الجزيرة الكورية (كوريا الشمالية والجنوبية) والجزر المحيطة بها بالاضافة إلي نحو 5،5 مليون كوري يعيشون في مختلف بقاع الأرض. والكوريون يتحدثون لغة واحدة وإن كانت بلهجات مختلفة تختلف من مناطق شرق البلاد إلي غربها ومن شمالها إلي جنوبها ومن أهل الريف إلي أهل المدن تماما مثلما هو الحال عندنا في اختلاف اللهجات من سكان المدن إلي سكان القري ومع ذلك فإن كل هذه اللهجات متقاربة ولا يعاني متحدثوها صعوبة في فهم بعضهم البعض..
وقد طور الكوريون المحدثون لغة بسيطة كانت بمثابة إحدي الركائز الأساسية لهوية قومية قوية. وقد اخترعت حروف الهجاء الكورية عام 1446 بواسطة الملك سيجو نج وتتكون من 10 حروف متحركه و14 حرفا ساكنا تكون عددا لا نهاية له من الكلمات. ويسهل تعلم اللغة الكورية مما كان له أكبر الأثر في زيادة نسبة التعليم في كوريا بشكل كبير..

عادات وتقاليد

وبالنسبة لعاداتهم في الأكل فإنها أقرب ما تكون إلي عادات أهل الريف عندنا حيث يكون الجلوس علي الأرض وإن كان الفرق هناك أنهم يجلسون علي أرضية خشبية تعلو عن الأرض نحو 30 سنتيمترا ولابد من خلع الحذاء قبل الجلوس إلي الأكل كما أن الموائد مستطيلة يضعون أسفلها مواقد وبها فتحات مجهزة لهذه المواقد بالاضافة إلي أحد أواني الطعام لشي اللحوم أو الأسماك ليشارك كل فرد في إعداد الطعام بنظام ‘إخدم نفسك بنفسك’ ويأخذ كل من الموجودين حول المائدة حاجته من الطعام..

قصة لحم الكلاب

وربما يعتقد البعض خطأ أن ‘لحم الكلاب’ هو الطبق الرئيسي في المطبخ الكوري.. ولكن في الحقيقة فإن أشهر الأطباق الكورية هي ‘الكيمشي’ والكوريون يتناولون شكلا من أشكال الكيمشي في إحدي وجباتهم يوميا. وإينما ذهبت في أرجاء هذا البلد ستجد طبق الكيمشي في انتظارك..
ولا تخلو أي مائدة سواء في بيت رقيق الحال أو في مطاعم فنادق الخمس نجوم من طبق الكيمشي وهو بذلك يكون مثل ‘السوشي’ في اليابان والبيتزا في إيطاليا والبرجر في أمريكا.. الخ. والكيمشي هو من أنواع المخللات ويصنع عادة إما من الكرنب الصيني أو الفجل أو الخيار أو الأطعمة البحرية والفلفل الأحمر..

أرض بوذا

وتعبر المعابد البوذية من المزارات السياحية هناك ومن أشهرها معبد بلجوكسا وهي كلمة معناها ‘أرض السعادة’ وهو واحد من بين ثلاثة آثار كورية تعد من الكنوز القومية في كوريا التي أدرجت في قائمة تراث العالم الثقافي التي تعدها اليونسكو، ويعود تاريخه إلي عام 535 بعد الميلاد ويتكون من 80 بناء خشبيا ويوجد بمدينة كيو نج جو عاصمة مملكة شيلا قديما. ويطلق الكوريون علي المدينة اسم ‘المتحف المفتوح’ بسبب كثرة مبانيها التاريخية ومعابدها ومقابرها وبقايا العصور الملكية فيها. ويتفنن الكوريون في تصنيف المزارات السياحية مهما كانت ضآلتها من حيث القيمة التاريخية فمثلا تسير أكثر من كيلومتر حتي تشاهد مزارا اسمه الصخرة العجيبة وهو عبارة عن تكوين صخري بركاني علي ساحل البحر الأصفر وعليك أيضا أن تسير نحو كيلومتر آخر باتجاه البحر في درجة حرارة نزلت إلي ما دون الصفر حتي تري شيئا آخر اسمه صخرة رأس الثعبان وهي عبارة عن تكوين صخري اكتسب أهميته من رواية تقول إنه المكان الذي نزل به أول رحالة غربي في رحلات الاستكشاف القديمة وهو بالمناسبة هولندي كان في الطريق إلي اليابان !
ولك أن تتصور مدي الفرق بينهم وبيننا من حيث الآثار والمزارات التاريخية ومدي احتفائهم بآثارهم ومدي إهمالنا لما بين أيدينا من كنوز يندر أن يكون لها مثيل في أي مكان في العالم.. وأترككم مع الصور المنقولة
كانت هذه أول الغرائب ولكن طبعا لاتسكن في تلك الفنادق الغريبة .
من الغرائب كذلك الحمام الكوري!! (أعزكم الله) أو كما يسمونه الحمام الآسيوي
وتجده في بعض الحمامات العامة وهو مثل الحمام العربي لا يتم الجلوس عليه لذا يكون أنظف والفرق أن له حاجز في المقدمة لمنع انتشار ال..

مشكوره

» عادات وتقاليد كوريا الجنوبيه
» كوريا الجنوبية
» اجمل صور لسيؤول عاصمة كوريا الجنوبية
» العادات الغذائيه في كوريا الجنوبية "مزيج بين ثقافتين
» إنشاء مركز للتعريف عن الإسلام في كوريا الجنوبية